الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

استراحة في مستشفى الأمراض العقلية


هل أدركت نعمة العقل!؟

إن حسبت أنك أدركتها ، وحمدتها وشكرتها ،وأرجو أن تكون كذلك ، لكني أدعونا لإعادة تقييم هذه النعمة ..

أتعرفون كلما ازدادت خبرتي في الحياة أجدني ظلمت نفسي وأناس أعرفهم أو لا اعرفهم بغير قصد ، وحقا هذا الشعور يؤلمني ، ويخفي خلفه نواقص في الخبرة الشخصية ، أرجو أن تكون الأيام القادمة كفيلة أن يكون لي فيها أفضل النصيب للاستكمال والخبرة مع سبق الاصرار والترصد للحصول عليه.

أكتب هذه الكلمات أثناء استراحة نأخذها يوميا لمدة نصف ساعة خلال دوامنا في مستشفى الأمراض العقلية أنا وبعض زميلاتي وزملائي من طلبة السنة الخامسة ، أدركت فيها كم هذا الانسان كفور ، أي والله كفور ..تعلم أن يأخذ أنعما لا تعد ولا تحصى ،ولم يتعلم الانصاف حتى في ذكرها ، وتعدى ذلك لايذائه من حرم منها....


فمنذ نعومة أظافري عرفت كما عرف المعظم أن المريض العقلي ((( مجنون))) منبوذ ، إن رأيته في الشارع لا أكتفي بالهروب لشارع اخر او مقابل ، بل احاول اثناء ذلك اختلاس النظر له دون أن يلمحني خوفا من أن يؤذيني!!! ولا بأس بقليل من الابتسامات وذكر ما رأيته لأهلي وأصدقائي كي نضحك قليلا !!..أجل نضحك على هذا الانسان الذي حرم هذه النعمة التي لا ندركها


وهكذا (((المجنون))) و (((مستشفى المجانين))) خفت من هذا الدوام، ومن التعرض لأي أذى ممن فيه ، في حين لا أظنني خفت من حيوان يمر قرب البيت كما كنت أخاف منهم ، سامحوني على هذا التعبير ، لكنه إن دل فإنما يدل على منهجنا في التفكير نحوهم!!!..ومن ناحية أخرى أحادث نفسي أن لا بأس بقليل من الفكاهة والترويح عن النفس في هذا الدوام ،خاصة أنك تحتاج دائما للجدية والاهتمام بالاماكن الأخرى ،،،، وهكذا جئت للدوام أول يوم وسط وصايا الأهل وقلقهم ،وكانت البداية في قسم الإدخال ،قلت لنفسي لن أضحك بداع الشفقة ، لكن لم أستطع أن أمنع نفسي بل شعرت بانبساط لأن منهم من يحدثك بأشياء لا ينسجها خيال خيالك.. وفي الوقت ذاته استرق النظر للطبيب المسؤول ، فأجد ملامح الجدية ، والرغبة القوية في لاستفادة من كل معلومة ، وتوجيه حديث المريض ، لاولا أجد روح الانبساط التي تتكلف ملامحنا لإخفائها ، وبعد عودتي من الدوام ،جلست مع نفسي في غرفتي ؛ أراجع أحداث يومي الأول في " مستشفى الامراض العقلية" وبدأت استشعر وأتخيل كيف تضرب هذه النعمة على أكثر الأوتار حساسية ؛ فنجن كرمنا الخالق العظيم عن سائر خلقه بهذا العقل ........ـ


رحل تفكيري كيف أننا نصغر يوما بعد يوم أمام عظمته سبحانه ، فهو أودع في هذا المريض كل المستلزمات لاكتمال هذه الكرامة التي ميزه بها " العقل والإداراك" ، ولم يجعلها تقوم بوظيفتها بالشكل المفترض ، فتقف جموع الباحثين والأطباء بعجز وبلاهة أمام بديع صنعه سبحانه ، لا نستطيع اكمال جزء !! انتقصه ليكون عبرة لنا ... رحلت أفكاري حيث لا يجدر بها فتوقفت عاجزة مقرة..حين استطرقت للروح " و "الموت" فالعجز يلف بشريتي الصغيرة ، وخالقي يزداد عظمة على عظمته وكبريائه ...نور لا ندرك كنهه ولا يدرك إدراكنا حتى عجزه!!!!!ـ


في اليوم التالي

وفي قسم الإدخال

كنت مع كل مريض أرسم قصة جديدة ، تبدأ بيننا وبينه ، عندنا وعنده ، إداركنا وإدراكه ، حمدنا لربنا وحمده....استشعر الخطاب الإلهي الذي يستلزم منا فيما أقله تهذيب لعقول كريمة من خالقها ، لتكرم نفسها بفكرها ، وقولها وفعلها وعقل شعورها وقلبها ... فتكتمل كرامتها فيما ارتقت به عن غيرهاـ

في أقل من ساعتين من اللقاءات المتتالية مع المرضى ..أحسست بالدمع يؤرق نظراتي وتفكيري .. فبحت بحمد ربي والثناء عليه ...لكن

لكن لم أوف الكثيرين حقهم


انتهت الإستراحة ودخل بقية الطلاب القاعة للمحاضرة...
فأدركت لحظتي بهذه الكلمات..

إن قائمة المهام تتسع يوما بعد يوم ..واليوم لا بد من إضافة الجديد لها ..لا لتكون تعداد ولكن تذكرة لأصحاب الرسالة السامية ..

المريض

والسوي

لا تنس شكر رب العزة قبل وبعد كل أمر

9-10-2008

حبيبي..قوي صغير




لأختي الغالية

...


حبيبي
قوي صغير
عمره بين الرضا والقرب أسير
ولرب العزة يصفو ويطير


حبيبي
ليت قلبي مثل قلبك العذب الأصيل

ليت ودي مثل ودك للقلوب وللأصيل

حبيبي
يارفيق عمري ودربي الطويل القصير

يامداد الروح والعقل وللرأي بصير


حبيبي
ليتني لا أراها تترقرق

فقلبي لقلبك الشغف أسير
ياطيب الود ومعدن الطهر الأصيل

حبيبي
يا ساندي وقت أن عز النصير

إن في الدرب ورودا
و للأشواك فيه حظ وفير
فإذا ما تالفت العقول مع القلوب
مع الليالي لن نكون ولن نسير..


الخميس، 9 أكتوبر 2008

رحلة مع الخطيئة







رحلة مع الخطيئة


ذكر في إحدى الروايات التي حكت لنا عن : "فتيات لله" أن إحداهن سقطت قبل أن ينتصف مشوارها للوصول لرب العزة.مسكينة!! حاولت النهوض مرارا دونما نفع!! ، فكلما مشت بضع خطوات تحاول فيها أن ترجع واثقة بسيرها لتقوى قدماها على متابعة السير ، لكن يا لها من خطيئة تقيدها جيدا ، فيبطؤ سير هذه المسكينة مع بقية الفتيات ، تتراجع وتتراجع لكنها لم تتوقف عن المسير مطلقا ،فهي كما تخبر إحدى صويحباتها : " لا تتنفس إلا إذا ذاقت لذة البذل لأجل الله ولله فقط".وهاهو الركب سيفوتها إن لم تشد أزر قدميها، فالخطى لله تكون بالأرواح قبل الأقدام!!
تراجع نفسها:وتخاطبها "" خطيئتي... لطالما نظرت إلى خطايا البشر بازدراء ،لأن يقيني بدربي وربي منحني ثقة لا تتزحزح بعدم الوقوع مثلهم!!...كيف صرت جزءا مني؟؟؟ لم أنا ؟؟؟ وتجهش بالبكاء" "ـ

وكلما مر عليها بعض الركب يقولون لها قبل فواتها ..لا نصدق كيف بإمكاننا أن نفوتك ،فطالما كنت أنت السباقة فينا.. فكيف صارت خطاك لله الأبطئ!! فتجيب بحسرة:" ما عدت أنا،ما عدت أنا!!

وتظل على هذه الحال حتى تمر عليها أخت عرفتها في الله حق المعرفة وعرفة حقها فيه ...فتأخذ بيدها وتقول لها : أيــه أخيتي ...إن أردت أن تكوني ملكا ،فما هكذا يكون السير لله!!!إن قيدتك خطيئتك ،فقد قيدتني خطيئة يوما وأقعدتني لبرهة ، حينها عرفت أن السير لله لن يكون إلا إن عرفت الخطيئة أننا من بين الخطاءون من لا تحكم علينا القيد ، لأن سيرنا لله وحبه لنا ، كفيلين بفك أقوى القيود ، فكلنا للخطية صائبون ، ولكن ليس كلنا عائدون ،فكوني مع العائدين كوني مع العائدين !!! ـ
"
"
..
أخذت بيدي واشتد أزري ،وعاد بي العهد مع ربي ، وعدت أسابق فيه ، حتى عدت أحب في نفسي حب بارئها لها وحبها له ،وحب "فتيات لله لها"

وبت أحث السير وعاد من أمامي وخلفي يريدون أن أمد لهن اليدا ،ليحثوا الخطى ..الحمد لله ... وهاهي فرحة السير لله وبركتها تحيط بي ..وأتحسسها في زفراتي وحركاتي ..وخفقاتي ـ
وبعد حين ،،ويا لهول بعد حين ،، عدت للخطيئة !! ما أنت يا ابن ادم ؟! أما لمقام الآخرة عندك من مقام؟؟لكن...هذه المرة أجدني أقوى عليها انظر إليها بازدراء كما نظرت "لخطيئة من لا أعرف " وأقول لها : مالك عندي من مكان! ؛؛ فأتركها وعهدي مع ربي يتجدد بأن خطايا الأرض لن تقعدني ما استطعت إلى ذلك سبيلا ،ما دام هو غفور رحيم ،ومادمت بالتوبة سأعيش ومرادي عنده بعد توبة ثبات ويقين فثبات.
"
"
وبعد حين آخر ....وقد تفرقت فتيات لله في الأرض فمنهن من قصّرت مسافتها ومنهن من زادتها ، حتى اللقاء بينهن صار عزيزا ،وصارت الأرواح تلتقي عند الذكر ، عادت الأيام لتجمعها بتلك الفتاة التي أخذت بيدها يوم أن عز الدليل؟! فسألتها : ورحلة الخطيئة؟!
أجابت بعزة:
خلي يدي فلست من أسراك
أنا يا حياة علوت فوق علاك

وتذكر الرواية أن هذه الفتاة عاشت كما عاشت معم فتيات لله بثبات وإيمان لا يتزحزح ، لكنها تميزت بينهن أنها تغذي سيرها بكل فريد وطريف من العمل لله ،فكانت لا تضيع مقاما إلاو تسعى لبلوغه في الله.

وأنها حين حضرتها المنية : تذكرت في لحظة ما كان منها وقال: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك كما أستغفرك الأولين والآخرين وخيرا مما استغفارك الأولون والآخرين ، أن تمسح ما عثر في سيري إليك ، وأكون حقا قد بلغت المقام عندك ، ولا تحرمني اللهم فرحمتك أولى بأمة هي لك وفيك ..فنظرة لوجهك الكريم مبلغ المراد وأنت الكريم الرحيم.وتبتسم وتنطق بالشهادتين ..لتصعد روحها تحفها الملائكة.



تم بحمد الله .
.
10-6-2008
الأربعاء –الساعة الثامنة صباحا

بعد غياب



تأخرت كثير ..من مدة ...مش عارفة كل ما افتح بحس برغبة جامحة اكلم كل واحد بيفتح مدونتي ...بيشرفني بإطلالاته وتفقداته ..وأشكر كل واحد سألني عن وجود أية ادراجات جديدة ..كل المتابعين والأحبة


بس قبل ما استأنف كتاباتي ..لازم اهني بالعيد ولونها متأخرة




فتقبل الله طاعاتكم.... وأجزل عطاءكم ..ورفع قدركم ..وجعل الفردوس داركم وقراركم


كل عام وانتم بخير